البعض لا يريد الخير للعراقيين

قضية رأي عام
المتابع للتغطية الخبرية للفضائيات الخليجية ، لما يجري في الفلوجة هذه الايام ، يُصدم من هول ما يشاهد ويسمع ، فهذه التغطية لا يمكن وصفها الا بعملية تحريض ممنهجة ، خالية من اي قيم اخلاقية ، او مشاعر انسانية او دينية.
هذه التغطية الخبرية تفتقد ايضا حتى الى المشاعر المذهبية ، التي تدعي الدفاع عنها كذبا ، فهذه الفضائيات ، التي ترفع لواء الدفاع عن “السنة” ، حولت “سنة الفلوجة” ومنذ اكثر من عشرة اعوام ، الى حطب للنيران التي ساهمت هذه الفضائيات ، باضرامها في هذه المدينة ، التي تحولت الى مؤشر لمعرفة تأثير هذه الفضائيات على “السنة” فيها ، وتأليبهم على اخوانهم الشيعة وباقي مكونات الشعب العراقي.
يبدو ان كل المصائب التي نزلت على اهل الفلوجة لم تروي غليل هذه الفضائيات والجهات التي تقف وراءها ، والتي مازالت تنفخ وبكل ما تملك من قوة في الحرائق المشتعلة في الفلوجة ، وهي الحرائق التي تعمل جميع المكونات العراقية لاخمادها ، بهدف اعادة الاوضاع في هذه المدينة الى حالتها الطبيعية ، وانقاذ اهلها من شذاذ الافاق من “الدواعش”.
من الواضح ان المتابع لتغطية هذه الفضائيات ، يشعر بوجود ارادة قوية ، لا تسمح باي جهد يمكن ان يبذله العراقيون ، شيعة وسنة، من اجل العيش جنبا الى جنب في وطنهم العراق ، فاداء هذه الفضائيات قائم على ضرب كل عناصر التواصل بين السنة والشيعة ، والتشكيك بكل عمل يمكن ان يصب في صالح التقارب بين مكونات الشعب العراقي ، بذريعة الدفاع عن السنة.
على سبيل المثال لا الحصر ، المراقب لتغطية قناة “الجزيرة” القطرية ، بعد تحرير الفلوجة من “داعش” ، لا يشعر بالغصة التي تخنق هذه القناة جراء هزيمة “داعش” فحسب ، بل يتلمس جهودا غير طبيعية تبذل لاستخدام “سنة ” الفلوجة كحطب لنار الفتنة التي تعمل على اذكائها في الفلوجة ، ولسان حالها يقول ، فلتذهب الفلوجة واهلها الى الجحيم ما دام “داعش” هزمت ، فهناك هستيريا وصلت حد الجنون ، في هذه الفضائية القطرية ، وهي تحاول تبييض ساحة “الدواعش” ، من خلال قصف خبري ملفق وكاذب للشارع الفلوجي ، بهدف استفزازه وتحريضه ضد اخوة لهم جاؤوا لينقذوهم، حيث لا تنفك شاشة هذه الفضائية تنقل “الاخبار العاجلة ، عن “انتهكات” و “تجاوزات” و “تعذيب” الحشد الشعبي لنازحي الفلوجة ، اما مصادر هذه الاخبار فهي “مصادر طبية ” و ” مصادر محلية” و “مصادر عشائرية” و “شهود عيان” ، وعندما تريد ان تؤكد حياديتها ومصداقيتها ، فتنقل عن وكالة “اعماق” ، وهي وكالة انباء تابعة لـ”داعش”!!، والهدف النهائي الابقاء على الحرائق مشتعلة في الفلوجة.
في برنامج بثته “الجزيرة” مساء يوم الاربعاء 22 حزيران / يونيو ، عن “انتهاكات” الحشد الشعبي ضد نازحي الفلوجة ، وموت بعض الاشخاص في اماكن حجز النازحين ، كان مصدر هذه المعلومات وكالة “اعماق” و”مصادر طبية” ، واما ضيف البرنامج فهو مثنى حارث الضاري ، الذي كان هو وابوه من اوائل الناس الذين باعوا اهل الفلوجة والمناطق الغربية من العراق الى القاعدة ومن ثم “داعش” بثمن بخس !! ، والمطلوب للعدالة العراقية !!، هذه كانت بعض حيادية “الجزيرة” ، وهذا كان تطبيقها العملي لشعارها الرأي والرأي الاخر ، فيما غاب عنها مئات الحالات المسجلة بالصوت والصورة ، لمقاتلي الحشد الشعبي وهم ينقذون الاف العوائل الفلوجية من عصابات “داعش” التي استخدمتهم كدروع بشرية ، واستشهاد عدد كبير من مقاتلي الحشد الشعبي ، من اجل تحرير الفلوجة واهلها ، اما احتجاز بعض الشباب لفترة قصيرة ، من اجل الحيلولة دون هروب “الدواعش” مع النازحين ، فحولته “الجزيرة” الى “جرائم ابادة” و”انتهاكات وحشية” ضد اهل الفلوجة !!!
الا تكفي هذه الفضائيات كل هذا القتل والدمار في العراق ؟، ترى متى يمكن ان يعيش العراقيون اخوة في وطنهم ؟ ، هل يجب ان يتقاتل الشيعة والسنة في العراق عشرات السنين من اجل ان تشبع غرائز الجهات التي تقف وراء “الجزيرة” وغيرها من الفضائيات التي لا تعرف سوى زرع الموت والدمار والخراب في العراق؟.
من المؤكد ان العراقيين كانوا ليحلّوا جميع مشاكلهم ، لولا تدخل بعض الحكومات العربية في شؤونهم الداخلية ، ولولا وجود بعض العراقيين ، وللاسف الشديد ، من الذين يصغون لخطاب تلك الحكومات ويصدقونه ، وهذا الامر بالذات هو الذي حال ومازال يحول دون وصول السنة والشيعة في العراق الى بر الامان ، وان تجربة الاعوام الماضية اثبتت وبشكل واضح من هم الذين لا يريدون الخير لسنة العراق؟ .
Hits: 1