مقالات

اذا سلّم الحزب صواريخه

نبيه البرجي

لنفترض أن "حزب الله" امتثل لدعوات المتظاهرين , ومن وراءهم , وقام بتسليم ترسانته الصاروخية الى الحكومة.
 
 أكانت برئاسة سعد الحريري , أم بهاء الحريري , أم فؤاد السنيورة , أم كانت برئاسة أشرف ريفي .

سواء من الناحية التقنية , أم من الناحية المالية  , أم من الناحية اللوجيستية , لا قبل للمؤسسة العسكرية بأن تستوعب عشرات آلاف الصواريخ , والتي تحتاج الى صيانة معقدة , وباهظة التكلفة . هذا اذا ما تناسينا الموقف الأميركي والاسرائيلي بأن  تنحصر مهمة الجيش بالأمن الداخلي , وبالانتشار على الحدود اللبنانية ـ السورية .

   من قرأ مسودة اتفاق 17 أيار يعلم أن الاسرائيليين يريدون من جيشنا أن يكون على شاكلة فرق النافخين في القرب الاسكتلندية . جيش أبو الزلف كما كان يطلق عليه حين كانت فلسفة الدولة "قوة لبنان في ضعفه" !
   بادئ بدء , ماهو مصير قيادات "حزب الله" ؟ حتماً سينتفض الضمير الأميركي , والضمير الغربي , بشكل
عام . آنذاك اما استضافة هذه القيادات في معتقل غوانتنامو في الكاريبي , وحيث الوحشية القصوى في التعامل , أو في سجن النقب في الصحراء , وحيث الزنزانات أقرب ما تكون الى القبور …

    اذا تتبعنا حيثيات السياسات الأميركية حيال الحزب , لا بد للقادة أن يمثلوا أمام محكمة دولية خاصة تنظر في كل "الجرائم ضد الانسانية" التي ارتكبها الحزب , بما في ذلك قتل الضباط والجنود الاسرائيليين ابان الاحتلال , ناهيك عن الجرائم الأخرى التي ألصقت بالحزب , ومن أميركا اللاتينية الى البلقان . لا تستغربوا أن توجه الى الحزب تهمة اغتيال أبراهام لنكولن عام 1865  .
   حين تكون الدولة على هذا المستوى من الهلهلة , لا بد أن نكون أمام اتفاق للسلام يضع لبنان عسكرياً , وسياسياً , واقتصلدياً , تحت الوصاية الاسرائيلية . في الحالة العربية , والاقليمية , الراهنة ,  وبالتواطؤ مع قوى داخلية , لبنان تحت السكين الاسرائيلية . متى توقفوا عن التهديد بذبحنا , وبابادتنا ؟ الجنرال أفرام سنيه , وعلى خطى ملوك التوراة , لن يترك كلباً يعوي على الأرض اللبنانية .
    التوطين سيكون حتمياً . هذا اذا وضعنا جانباً المشروع التلمودي الذي يقضي بتحويل اسرائيل الى دولة يهودية اتنياً وايديولوجياً . في هذه الحال , سيكون ترحيل عرب الجليل الى لبنان على رأس الأولويات الاسرائيلية .
    أيضاً توطين النازحين السوريين , بناء على رغبة بعض الدول العربية التي طلبت من الولايات المتحدة المساعدة على احداث تغيير بنيوي في الخارطة الديموغرافية , والطائفية , للبنان , على أن تقتطع للمسيحيين ميني ـ  دولة بمواصفات امارة موناكو وبرئاسة أمير ماروني …
   أستعيد ماقاله لي العميد ريمون ادة عام 1974 . لبنان قطعة معدنية بين قطبين مغناطيسيين هما سوريا التي تختزل الحالة العربية , واسرائيل التي تختزل الحالة الغربية. هذا كان يؤمن التوازن الداخلي في لبنان , الى أن اندلعت حرب حزيران 1967 بنتائجها الكارثية .
   القطب المغناطيسي السوري سقط , ودخل لبنان في المتاهة التي أخذت بعدها التراجيدي القاتل  بالاتفاق ـ الفضيحة , أو بالاتفاق ـ الفجيعة  ( القاهرة ـ 1969 ) الذي وضع لبنان بامرة ياسر عرفات , قبل أن تنتقل الامرة الى  آرييل شارون .
    ألا يمكن اعتبار "حزب الله" , بارساء معادلة توازن الرعب مع اسرائيل , القطب المغناطيسي الداخلي الذي كرّس ما هو أبعد بكثير من "العيش تحت المظلة المثقوبة" . مع التأكيد بان لبنان لا يمكن , في حال من الأحوال , حتى على المستوى الجيوسياسي , أن يتحول الى حالة ايرانية . على الأقل بسبب تركيبته التاريخية , والثقافية , والطوائفية , البالغة التعقيد , والبعيدة كل البعد عما يصفه منظرو الصيغة بـ"المسار الايديولوجي المغلق , والجنائزي , لنظام … آيات الله" !
    منذ أيام دافيد بن غوريون وموشي شاريت , بل ومنذ أيام تيودور هرتزل , والعين اليهودية على مياه لبنان , وعلى أراضي لبنان , وعلى طوائف لبنان .
   على ماذا يعتمد المتظاهرون حين يدعون الى نزع سلاح (صواريخ) "حزب الله" ؟ على القيم الاسرائيلية أم على القيم الأميركية ؟
 الصواريخ وجدت لتبقى . ليبقى لبنان … !! .

Hits: 0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى